Tuesday, February 14, 2012

أضحى الحِمل أكبر من البوح

Sunday, June 19, 2011

أطياف وهلاوس نونية

أستيقظ على صوت مذياع قديم آتٍ من بعيد: الشيخ الحُصري يتلو سورة الرحمن. تهتز الستارة على نافذتي بفعل نسمة صباحية باردة تبدو وقد ضلت طريقها من ربيع ولى. ا

أقف في النافذة للحظات مصغية إلى صوت المذياع الذي حملته النسمة الصباحية إلى غرفتي: الرحمن، القرآن، الإنسان، البيان: نون الاطمئنان. ينطلق فجأة صوت المنبه الذي استيقظت قبل وخز صيحاته. أتجه إليه لأغلقه ثم أشرع في طقوس بدء اليوم. بدون سبب واضح يبدأ عقلي في ترديد "يا حلو شو بخاف إني ضيعك"، فيختلط الصوت بداخلي بذلك القادم من المذياع في تمازج غريب. أدير الأغنية الموجودة على حاسبي بينما أرتدي ملابسي أمام المرآة، فتبدأ بموسيقاها المنذِرة. ا

أنظر للمرآة بينما تحكي فيروز: "نمرق على الجسر العتيق، وتروح مني بهالطريق، لوين ما تقلي ولا تاخدني معك"، أرى انعكاس صورتي في المرآة بآثار كحل الليلة الماضية التي لم تنجح مياه المساء أو الصباح في إزالتها. أبدو كمن كانت تبكي بكاء مُرًا أمس. أزيل الكحل من بين عيني وتحتهما بينما تكمل فيروز: "يا حلو شو بخاف إني إسألك، كنو بعد بتحبني؟ قد البحر قد الدني؟ بفزع لتضجر من سؤالي وزعلك". صوت فيروز آتٍ من حلم قديم.. حلم بعيد. أكمل ارتداء ملابسي وألملم حاجياتي في الحقيبة وأغلق الباب ورائي.ا

أفتح باب السيارة وأدير المفتاح، ثم ألتفت فأجدك جانبي صامتًا كعادتك كلما أتيتني مؤخرًا. أصمت وأدير مؤشر الراديو الذي لا يلتقط شيئًا سوى ذبذبات مشوشة ومتقطعة، ثم يستقر بين محطتين، فإذا بسورة الرحمن تنبعث من الراديو مختلطة بصوت فيروز التي تخاف ضياع الحلو، ولكن المؤشر يأبى أن يستقر على أي المحطتين، فأغلقه مبتسمة ومتعجبة من الصدفة التي تتمتع بنفس احتمالية حدوث النسمة الهاربة من الربيع في عز الصيف. تبتسم لي أنت أيضًا وأنت تعلم ما يدور برأسي. أنطلق في طريقي الذي لا يستغرق أكثر من عشر دقائق. تموج رأسي بآيات السورة الأثيرة المخالطة لصوت فيروز الخائفة، وأفكر في أن حرف النون من ألطف الحروف حقًا. تقرأ ما يدور بفكري فتخبرني:ا

ا - "مش شرط على فكرة." ا

لا أتعجب، فقد اعتدت قدراتك الخارقة المكتسبة حديثًا، ثم يبدأ السجال المحبب: ا

ا - "لأ شرط: رحمن، حنان، اطمئنان" ا

ا - "فجعان، غلبان، هربان" ا

ا - "شبعان، فرحان، سرحان"ا

ا - "جعان، زعلان، حيران" ا

ا - "جِنان!" ا

ا - "جِنان" ا

أبتسم حال وصولنا إلى كلمة مشتركة. أخبرك: ا

ا - "بس الجنان مش حاجة وحشة على فكرة." ا

ا - "عمري ما بعرف أغلبِك في اللعبة دي" ا

أبتسم وأنا أطفئ محرك السيارة حال وصولي، ألتفت إليك فأجد ابتسامتك المُحبة ملئ وجهك، والشموس الصغيرة حول عينيك مشرقة من خلف نظارتك الطبية، تظللها بعض شعيراتك البيضاء المطلة من وسط سواد شعرك. أدرك أنني سوف أفتقدك حد الوجع بمجرد نزولي من السيارة، ولكن أعلم ألا خيار أمامي، فأخبرك: "خدني على قلبك معك". تحتضنني شموس عينيك الصغيرتين مهونة عليّ. أترجل من السيارة ، وأغلق بابي بالمفتاح، أتمتم لنفسي بباقي المقطع "دخلك بخاف إني ضيعك" بينما ألقي نظرة أخيرة من خلف الزجاج على السيارة الخاوية. ا

Thursday, March 31, 2011

"الحكاية علامة شفاء الراوي" *

....


....


أظن أنه كان من الأسهل عليك أن تهرع عائدًا إلى "قلقك الوجودي" المحبب مرة أخرى. صدقني، أنا أعلم مدى الراحة التي نشعر بها عندما تؤكد لنا الحياة مرارًا وتكرارًا على ما طالما آمنا به كحقائق - وإن كانت مؤلمة. لطالما أخبرت نفسك أنه لا يوجد من يهتم، وأن هذه هي طرق الحياة، وأنه يجب عليك أن تكون رجلاً فلا تتوقف عند مثل هذه "الحقائق" وتبكي كالنساء. من الأسهل أن يحيطك الغرباء؛ أناس لا توجد لديهم أدنى فكرة عما يدور بطواحين عقلك المرهقة. أناس تقضي معهم وقتًا طيبًا. بلا ذكريات. بلا ألم. بلا أمور جدية سخيفة. أناس. غرباء. ثم تعود، بلا ذكريات، بلا ألم، بلا أمور جدية سخيفة، لتدور في نفس الساقية الوجودية لصاحبها سيزيف. للحياة التي طالما عهدتها.


صدقني، أنا لا أحاول أن أحمل الأمور أكثر مما تحتمل، أو أن أشعرك بأنك تخليت عن مجد الأمجاد، ولكن "الحقيقة" البسيطة التي آمنت بها، وربما كانت تلك هي خطيئتي، أن السعادة ممكنة وعلى بعد حجر. ولكن بما أن فكرة السعادة في هذه الحياة تنافي نموذجك الإدراكي للعالم، فالغلبة والمجد للنموذج الإدراكي الأصم إذن.


على كل حال، كنت فقط أود أن أخبرك عن هذه الرؤية التي تراودني عنك دائمًا: سوف تتزوج من إحدى بنات الشمال حيث ينمو الثلج في الشوارع وعلى الأرواح، ذات عيون زجاجية، وربما سترزقا معًا بأطفال يرثون نفس عيونها الزجاجية. مرة أخرى، سيحاوطك الغرباء. غرباء قد ينطقون اسمك بطريقة صحيحة، ولكنهم لا ينطقونه مثلنا، غرباء لا يتحدثون لغتك. غرباء لا يفهمون نكاتك، ويتركونك تضحك وحيدًا حتى تكتشف أن ابتلاع النكات أقل مرارة من مشاركتها مع العدم. غرباء لن يهتموا كفاية بطبيعة الأمر. ربما كان ذلك أسهل، وأكثر اتساقًا، من العيش مع من كانت تتمكن من قراءة أفكارك، ومن كانت لتترك كل شيء، كل شيء، من أجلك أينما كنت، فقط لو كنت طلبت، ولكن يبدو أنه في نهاية المطاف كان الطلب عبئًًا لا قبل لك بتحمله.


كن بخير. أنت دائمًا في وجداني


ن



----


* العنوان من رواية "ألم خفيف كريشة طائر تنتقل بهدوء من مكان لآخر" لعلاء خالد

Sunday, March 06, 2011

الأطلال


يا فؤادي لا تسل أين الهوى
كان صرحًا من خيالٍ فهوى.. ياخويا

إبراهيم ناجي بتصرف

Thursday, March 03, 2011

The ice inside his soul


Or may be it's just that you're already dead.

Wednesday, December 15, 2010

"ومع ذلك.. ورغم ذلك" *

أستيقظ ، ولوهلة أتردد قبل أن أنفض الغطاء من فوقي بسرعة - تأجيله للحظات لن يزيد الأمر إلا صعوبة. أتوجه للمطبخ متلمسة بعض الدفء من فنجان كاكاو ساخن. أجري بخطوات متقافزة وأنا مثنية على نفسي مرددة النشيد الشتوي الصباحي: "يخرب بيت أم البرد / يخرب بيت أم البرد". لوهلة تأسرني تلك الرائحة وتجبرني على التوقف. أستدير لأرى زهريات الصالة الثلاثة ممتلئة بالورد: أبيض وأزرق ووردي وأحمر. أتذكر سبب وجود تلك الزهور وأبتسم لنفسي: عملية إزالة مرارة أبي؛ حملتنا أمي ببعض الورد الذي جاء عند مغادرتنا أنا وأختي للمستشفى أمس. ا
اا
أفكر بأن الحياة تصالحنا أحيانًا، ربما تكون محاولاتها على استحياء، ولكنها محاولات على أي حال. تعلمت ألا آخذ تلك اللحظات كعلامة على أي شيء، ولكن أن أستمتع باللحظة واستنشقها لأبعد مدى، ثم أدع الأمر جانبًا مكتفية وراضية بالابتسامة وطيف البهجة الأثير.أتحول إلى النافذة، مدندنة "يا بدع الورد يا جمال الورد... الورد الورد يا جماله". ا
ا
وبرغم محدودية معلوماتي الطبية، خطر لي فجأة أن عملية إزالة المرارة لا يمكنها أن تنجح دون الورد. أفتح الشباك على مصراعيه ليدخل نور النهار - مع البرد، ورغم البرد. ا
ا
---
العنوان من قصة قصيرة لمحمد المخزنجي *

Tuesday, August 03, 2010