يظهر إسمها جليا في ذاكرتي و لا أعلم لماذا
لم تكن يوما من صديقاتي المقربات .. و أنا حقا لم أراها منذ ما يقرب على السبع سنوات.. فلماذا تذكرتها الآن؟
***
كانت دائما من الجالسات في الصفوف الأولى.. ربما لضعف نظرها و الذي كانت تقاومه بنظارة حمراء أو موف.. حقا لا أذكر.. أو ربما ليُتمَها
كانت بيضاء مشوبة بالحمرة.. مع شعر غالبا مهوش و صوت مبحوح.. و رباط للنظارة التي لا أذكر لونها
أتذكر والدتها جيدا.. كانت سيدة رفيعة.. محجبة شاحبة لم أرها يوما في لون آخر غير الأسود.. مع نظارة كبيرة.. أكبر من نظارة رنا..تبدو طيبة جدا و تشبه رنا كثيرا
كانت دائما ما تأتي في الفسحة لتقف عند القضبان المحاذية للباصات و تتنتظر مرور أي من زملاء رنا في الفصل لتطلب منا النداء عليها.. في إحدى المرات كنا أنا و نورا نلعب الأولى بجانب الموقف فوجدت السيدة تنادي على نورا و تسلم عليها.. ثم طلبت منا أن نبحث عن رنا و نحضرها لها.. فبحثنا عنها حتى وجدناها.. و عندما ذهبنا إليها قبلتها و إحتضنتها من وراء القضبان فإبتعدنا أنا و نورا لنفسح لهما المجال للكلام
كانت نورا تعرف والدتها لأنها كانت دائما ما تأتي لأخذ رنا من درسهما سويا.. كنا في الصف الثالث أو الرابع الإبتدائي.. و كان مشهد والدة رنا و هي تقبلها من بين القضبان يتكرر دائما.. لم أفهم ما الذي يستدعي أن تأتي دائما في الفسحة لتراها
"انتي عارفة مامة رنا بتلبس أسود دايما ليه؟"
"ليه؟"
"أصل بابا رنا ميت"
همست لي نورا بتلك الكلمات و كأنها تخشى أن يصيبنا ما أصاب رنا.. لا أذكر ما قلته و قتها.. ربما لم أصدق.. لم أكن
لم تكن يوما من صديقاتي المقربات .. و أنا حقا لم أراها منذ ما يقرب على السبع سنوات.. فلماذا تذكرتها الآن؟
***
كانت دائما من الجالسات في الصفوف الأولى.. ربما لضعف نظرها و الذي كانت تقاومه بنظارة حمراء أو موف.. حقا لا أذكر.. أو ربما ليُتمَها
كانت بيضاء مشوبة بالحمرة.. مع شعر غالبا مهوش و صوت مبحوح.. و رباط للنظارة التي لا أذكر لونها
أتذكر والدتها جيدا.. كانت سيدة رفيعة.. محجبة شاحبة لم أرها يوما في لون آخر غير الأسود.. مع نظارة كبيرة.. أكبر من نظارة رنا..تبدو طيبة جدا و تشبه رنا كثيرا
كانت دائما ما تأتي في الفسحة لتقف عند القضبان المحاذية للباصات و تتنتظر مرور أي من زملاء رنا في الفصل لتطلب منا النداء عليها.. في إحدى المرات كنا أنا و نورا نلعب الأولى بجانب الموقف فوجدت السيدة تنادي على نورا و تسلم عليها.. ثم طلبت منا أن نبحث عن رنا و نحضرها لها.. فبحثنا عنها حتى وجدناها.. و عندما ذهبنا إليها قبلتها و إحتضنتها من وراء القضبان فإبتعدنا أنا و نورا لنفسح لهما المجال للكلام
كانت نورا تعرف والدتها لأنها كانت دائما ما تأتي لأخذ رنا من درسهما سويا.. كنا في الصف الثالث أو الرابع الإبتدائي.. و كان مشهد والدة رنا و هي تقبلها من بين القضبان يتكرر دائما.. لم أفهم ما الذي يستدعي أن تأتي دائما في الفسحة لتراها
"انتي عارفة مامة رنا بتلبس أسود دايما ليه؟"
"ليه؟"
"أصل بابا رنا ميت"
همست لي نورا بتلك الكلمات و كأنها تخشى أن يصيبنا ما أصاب رنا.. لا أذكر ما قلته و قتها.. ربما لم أصدق.. لم أكن
قد إستوعبت مفهوم اليتم بعد.. ربما حتى رجعنا للعبة الأولى
***
عندما كنا في الصف الثالث الإبتدائي أخذتني مدرسة العربي "ميس نيفين" و التي كانت تحبني كثيرا و دائما ما تجعلني أقف و أقرأ للفصل.. قالت لي
"إنتِ شاطرة في ال
Science?"
فأهز رأسي بنعم بغرض إثارة إعجابها
"طب جبتي كام في إمتحان الشهر ده؟"
"جبت فول مارك يا ميس"
مع إبتسامة عريضة
"طيب.. بصي أنا عايزاكي تقعدي مع رنا في حصة الريادة الجاية و تشرحيلها الدرس الجديد عشان هي مش فاهماه خالص.. ماشي؟"
"حاضر يا ميس"
لا زلت أذكر الدرس الذي شرحته لرنا يومها.. أو على الأقل حاولت كما ينبغي لمدرسة في التاسعة من عمرها.. كان عن الأقمار الصناعية و أطباق الإستقبال..
***
أتذكر عندما كنا في حصة الساينس أيضا في الصف الرابع الإبتدائي.. كان هناك ذلك الدرس حول المبيدات و كيف أنها تسبب السرطان
*لا أفهم كيف يدرسون تلك الأشياء للأطفال.. لابد أن تهتم تلك المادة في تلك السن بالعصافير و الورد.. أو هذا رأيي على الأقل*
ثم تفرع الحديث لقول ميس أماني بأن "مرض السرطان مبيتعالجش"..فرفعت رنا يدها
"ميس هو السرطان بيموت؟"
"آه "
لم تكن ميس أماني تعرف أسمها على ما أظن
إمتقع وجه رنا و جلست أو تهاوت على المقعد
سريعا ما رن الجرس معلنا أن الحصة قد إنتهت.. كان عندنا أستاذ سيد مدرس اللغة العربية في الحصة التالية
وجدت رنا تنسحب في هدوء و شحوب نحو نهاية الفصل و تجلس على أحد المقاعد الخالية.. تضع وجهها بين كفيها و تجهش في البكاء
لم أقترب لأسأل ما بها.. تجمهرت حولها مجموعة من الزميلات
"مالك يا رنا"
"بتعيطي ليه يا رنا"
و أنا أراقب من مكاني
و عندما دخل أستاذ سيد كانت يمنى صديقتي قد أخبرتني باكية بأن "رنا بتعيط عشان مامتها عندها سرطان".. حتى اليوم لا أصدق رد فعلي
أصابتني كريزة ضحك مريعة.. إلى حد أن دمعت عيناي.. و كلما إقتربت من السكون تذكرت إن رنا باباها ميت و إن مامتها عندها سرطان.. فلا أستطيع منع موجة الضحك حتى آلمتني بطني و دمعت عيناي مجددا
*هل كان ذلك فوق قدرتي على الإستيعاب أم أنني قد إستوعبته تماما؟*
***
تركت رنا مدرستنا بدءا من الصف الثالث الإعدادي.. لم يعرف أحد عنها شيئا بعد ذلك حتى هاتفتني نادين ذلك اليوم عندما كنا في الصف الثالث الثانوي
"عارفة يا نوران أنا قابلت مين بالصدفة النهارده؟"
"مين؟"
"مش عارفة هتفتكريها ولا لأ.. فاكرة رنا؟"
"رنا عصام؟"
"آه.. قابلتها في السنتر و أنا خارجة من الدرس"
"بجد؟ و إيه أخبارها؟"
"دي يا عيني قالتلي إن مامتها ماتت و إنها عايشة مع عمها دلوقتي"
"...."
***
..مر على حادث الصف الرابع الإبتدائي الآن عشرة أعوام.. و لكني أذكره جيدا كأنه كان أمس
.أنا آسفة يا رنا