Wednesday, May 13, 2009

".. وجع لا يحن إلى وجع"

زارته في الحلم شفافة رقراقة.. كما عهدها دائمًا..
كانت ترتدي فستانًا أزرقًا فضفاضًا، ووشاحًا وردياً ينساب من خلاله شعرها الأسود الطويل. لم يتحدثا طوال الحلم ولكنها ظلت تبتسم له في صمت بهي..
جلسا على الأرض سويًا، بينما أحاطت بطنها الناتئة بكفيها، وعندها فقط لاحظ أنها ليست وحدها..
كانت تحوطها هالة من الصفاء، وبدت كقديسة في صمتها وابتسامتها الخفيفة.. كانت في عينيها اللوزيتين تلك النظرة.. النظرة التي رآها آخر مرة، غير أنها لم تكن تبكي الآن. بالعيون شجن خفي لن يلحظه إلا إياه، ولكنه رأى أنها مفعمة بالسكينة؛ ليست سعيدة ربما، ولكن ربما أيضًا هو الرضا الذي طالما تمنته..
مدت يدها إليه بينما مازالت يدها الأخرى على بطنها.. حاول أن يلمسها فلم يستطع - على قرب المسافة بينهما..
استيقظ ليجد يده ممدودة في الهواء طلبًا للمسة قديسة لم ينلها..
قام من سريره ليشعل سيجارته ويعد قهوته. أطل من نافذة غرفته على المدينة الثلجية الشاسعة، ونفث دخان سيجارته في هواءها. لم يحلم بها منذ سنوات؛ منذ تقطعت بهما السبل، وسكت الكلام. فكر في أنها طالما قد زارته، فقد سامحته. ربما أيضًا أرادت إخباره أنها ستصبح أمًا، مثلما تمنت دائمًا..
تناول الكتاب الذي كانت قد أهدته له يومًا، وكانت يداه تعرف طريقهما جيدًا: تلك الصفحة التي كتبت أعلاها بخطها الطفولي "أنا وأنت" ثم قرأ السطور التي امتد تحتها الخط الرصاصي:
"الحنين وجع لا يحن إلى وجع. هو الوجع الذي يسببه الهواء النقي القادم من أعالي جبل بعيد.. وجع البحث عن فرح سابق.."

12 comments:

Nour said...

العنوان والاقتباس من نص محمود درويش "في حضرة الغياب"
...

نعكشة said...

كنت لسة هسأل

.......

جميلة

بس مش عارفة

حاساها عادية بالنسبة لكتاباتك يعني

اللي قريته منها

اللي هيا نهاية العالم و scars

لو قريتها لوحدها و خلاص هيا جميلة حلوة يعني

بس مقارنة بما قرأت لكِ
تقدري تكتبي افضل من ذلك

مش عارفة ليه حسيت الشعور دة

بس انا صريحة يعني
سوري لو ضايقك كلامي

سلام
عليكِ

Nour said...

لأ أبدًا يا جميلة ولا ضايقني ولا حاجة.. بالعكس، شكرًا ليكي على إهتمامك بتوصيل الرأي ده وإنك على طول أول تعليق
:)
على العموم هو الموضوع في الأول وفي الآخر نسبي، ويعتمد على وجهة نظر اللي بيقرا
...
سلام عليكِ أنتِ أيضًا
:)

Anonymous said...

الله
كم هي جميلة ومنسابة مثل الحنين الذي يحن إلى لمسة بعيدة
( :
عوليس

صفا said...

لم افتح مدونتك منذ أيام .. قلت لنفسي لا بد أنها كتبت شيئا جديدا .. يارب اجعلها كذلك .. أردت أن أقرا لك شيئا يهديني جمالا وونسا .. وقد فعلتِ شكرا لك .. شكرا بجد
لاقيت نفسي أقول :: الله

كأنني أنا said...

التدوينه بالاقتباس بقلبك يانور كلهم جايين في وقتهم اوي..

انا بقيت باحس بجد انك مصدر فرح اساسي في حياتي.. فرح حاضر وآت بيضيع اي وجع سابق أو حتى منتظر؛ بمهارة غريبة جدا..

كفاية اني باذاكر باثولوجي دلوقتي وكل ماحس اني مخنوقة جدا ومش قادره اخلص حاجة فيه بذاكر ‏scar formation
لأني بسببك وبطريقة غريبه برضه بقيت باحب ‏
scarsال

ربنا يحميك وتفضلي دايما بجمالك دا :)

Nour said...

عوليس
:) الجمال في عين الرائي كما يقولون
:).. تسلم

صفا
تعليقاتك هي التي تمنحني ذلك "الونس".. شكرًا لكِ أنتِ
:)

كأنني أنا
أعمل فيكي إيه يا بنوتة بس :))) تعليقك ده يا ريم أنتِ مش متخيلة عمل فيا إيه :) أنا أصلًا مش لاقية كلام أرد بيه عليكِ! عاجبك كده؟!ا :)

You are a "Godsend" :)

Polka Dotted said...

eh da naraneeeeeer.... u're back to blogging !!! Yaaaaaay

this is so warm.... *sighs*

(حلـم) said...

وجع البحث عن فرح سابق..خاتمة رائعة وبوست جميل يسلم ها الذوق والاحساس والتصوير..حلم..

youssef said...

الغياب

هذا الغياب لامتناهيا ينبثق من كتابات كثيرة قرأتها هنا .. غيابا يلد حنينا دائما .. و يولد خوفا يائسا من الحياة و قصصها الجديدة و القديمة .. الغياب في كل الحواديت .. و الاشواق دائما يائسة .. و الخوف يغلق طريق المستقبل في حواديتك التي تحاول الافلات من قبضة الماضي .. دائما الغياب حتي في مشهد دافئ في بوست " عن الوطن " يقتل الغياب البارد ابطاله و يلاحقهم الخوف من الوحشة و الوحدة و هما في التحامهما الحميم !!! .. يبدو بوستا منطلقا ك " عن الغرابة و الجنون " سقطة شاذة وسط حالة الغياب و الخوف التي تلخصها جملة في بوست " أبيض " : الابيض لغز و اللي يحله يستهل ما يجري عليه

امتعتني الموسيقي الحزينة التي تجيدين مزجها بكلماتك لتنساب منها دائما خافقة دافئة .. استمتعت رغم كل هذا

رغم الغياب

Nour said...

Batabeet,
Thx baby ;))

حلم
:)) أشكرك

Youssef
طبعا بسطني جدا إن فيه حد متابع قوي كده وبيهتم بتحليل وربط كل حاجة باكتبها هنا.. شكرا جدا على الاهتمام ده..
بالنسبة يقى يا سيدي لتيمة الغياب، فالغياب ده جزء لا يتجزأ من وجودنا الإنساني، و"وجوده" وتعاملنا مع الوجود ده هو اللي بيشكل أجزاء كتيرة من شخصياتنا، أجزاء يمكن تكون موجعة في بعض الأحيان، بس بالتأكيد جميلة في جميع الأوقات..
ومرة تانية باشكرك على اهتمامك.. بجد
ماتقطعش الجوابات بقى
:))

Old Blogger said...

عالم تانى
بس