Tuesday, September 13, 2005

الظل



..تواجهني مشكلة
.."لا أعرف كيف أشرحها إلا هكذا: "ليس لي ظل
ظل.. إنعكاس.. لا أعلم.. كل ما أعرفه أني أنظر في مرآتي فلا أرى إلا الخواء.. شبح أنا؟! لا.. لا أظن.. فالكل يتعامل معي و يكلمني.. و لكني لازلت لا أرى نفسي في المرآة00
***
!هل كان لي ظل أبدا؟
بالطبع كان لي.. كان لي أنعكاس جميل في المرآة.. مازلت أذكر الفتاة الجامعية الثورية و التي كان حبيبها دائما ما يغني لها.."و الشعر الغجري المجنون يسافر في كل الدنيا.." .. كانت جميلة حقا.. ترى كيف تبدو الآن؟! سيكون من الغريب أن أسأل أحدا أن يصفني الآن00
أليس كذلك؟
***

!متى إذن إختفى ظلي؟
حسن.. فهو لم يذهب بين ليلة و ضحاها.. لقد تلاشى تدريجيا.. ظننت في البداية أن عيناي تخادعاني.. و لكنها كانت الحقيقة المجردة.. أذكر تلك الليلة التي أظن أن ظلي حزم فيها أمره بالذهاب.. تلك الليلة التي رأيت فيها ظلا مهزوزا في المرآة.. فظننته فقط أثر البكاء00
منذ عشرين عاما00

كان قد قُرر لك السفر.. و لم توافق امي.. كنا مخطوبين.. و تركت لي القرار.. إما السفر و إما نسيانك.. و لكن إختياري الحقيقي كان بينك و بين أمي.. لماذا و ضعتني في ذلك الموقف؟.. لم أستطع تحطيم قلبها.. فتحطم قلبي و لم أرك ثانية00
سافرت و هجرتني.. مدعيا أني هجرتك أولا00
..أفتقدك

..و لكن ظلي لم يختف كليا وقتها
..كان هناك.. شبحا غائما يزداد قتامة كل يوم.. و لكنه كان هناك
..إشتريت عشرات المرايا.. و جربت عشرات الأطباء.. و كان التأكيد الدائم أن كل شيء على ما يرام

..ثم تزوجت
و ظل شبحي يتلاشى يوما بعد يوم.. أذكر يوم أختفى تماما.. يوم طلقت بعد عامين من زواجي.. طلقني زوجي عندما وجد حبوب منع الحمل في دولابي.. كان طلاقا هادئا.. مثلما كان زواجا هادئا.. ذهب كل منا في طريق و لم أعرف عنه شيئا بعد ذلك00
..نظرت يومها في المرآة.. و لم أر شيئا.. فقط الفراغ و هواء الغرفة
..و لم يكن ذلك ما أفزعني
..بل أفزعني عدم إهتمامي للأمر
..حقا لم أهتم.. كأنه كان شيئا مقدرا
..حتى لم أتسائل أين ذهب ذلك الظل
..و لم أخبر أحدا أني أصبحت أمرأة بلا ظل
***

..ثم هاتفتني اليوم
جاءني صوتك عبر الهاتف بعد عشرين عاما.. كأننا كنا سويا البارحة.. كانت مكالمة قصيرة: "لقد رجعت.. أريد أن أراكِ.." .. وافقت في الحال.. سنتقابل في ذلك المقهى الهادىء.. ترى ماذا تريد؟ أعلم أنك تزوجت و أنجبت.. فماذا تريد؟! لا يهم.. سأذهب على أية حال00
عندما جاء الوقت لإعداد نفسي.. فكرت لأول مرة منذ سنوات في ظلي.. أحتاجه فقط للحظات لأتأكد من هندامي.. و لكنه لم يكن موجودا كالعادة00
ذهبت في الموعد.. وجدتك تنتظر هناك في ركن قصي.. قمت لتصافحني و إحتضنتني بعينيك.. لم تتغير كثيرا.. فقط بعض الشيب المحبب غزا فوديك.. و بعض الخطوط البسيطة التي رسمتها عشرون عاما على وجهك.. لازالت عيناك جريئتان مقتحمتان.. ترى ما رأيك فى!؟
"..لازلتِ جميلة"-
..إبتسمت لك و صافحتك.. جلسنا و تحدثنا
حكينا عما حدث في حياة كل منا.. حدثتني عن زوجتك و أولادك.. عن محنة مرضها الذي اختطفها منذ بضعة أعوام.. عن غربتك و رغبتك في العودة النهائية و عن رفض أولادك لها.. و حدثتك عن زواجي و طلاقي و عملي.. و غربتي ايضا00
"..لم أنسكِ يوما.. أتعلمين ذلك؟"-
"..إبتسمت.."و أنا أيضا
"..إفتقدتكِ كثيرا.. و أحتاجكِ أكثر"-
"........"-
" !تتزوجيني؟"-
..إتسعت إبتسامتي لتشمل وجهي كله
" ..أتزوجك"-
..و خرجنا من المقهى و أنا متأبطة ذراعك
و إذا بي ألمح على الباب الزجاجي ذلك الغريب الذي ظننت أنني لن أراه ثانية.. كان هناك.. ظل إمرأة أربعينية لا تزال بها بقايا جمال.. متأبطة ذراع الرجل الذي تحب.. مبتسمة إبتسامة كانت قد نست كيف تبدو00
..و لكنها تذكرت الآن
..فقد أصبحت أمرأة ذات ظل

Thursday, September 01, 2005

..القصة مش طقس...يا صديقي


هناك... عند ذلك الخط الفاصل وقفنا.. و ما عرفنا إن كنا يوما قد عبرناه.. أو كان يوما قد عبرنا000

************

سامعة صوت النقط و هي نازلة ترف عالعربية.. أنا مقفلاها و متكلفتة بالكوفية و السويتر و مستنياك.. على طول لازم تتأخر.. بس مش مشكلة.. المهم إنك بتيجي في الآخر.. رنتلك كذا مرة و إنت بتكنسلني.. أكيد في السكة..تعالى بسرعة عشان بجد المرة دي محتاجاك قوي00

شوية و جيت.. فتحت شباكك و ضحكتلي "يا بنتي إنتي مش عارفة إني واخد أجازتي؟! جايباني على ملا وشي الساعة 9 الصبح ليه بقى إن شاء الله؟!".. عارفة إني قلقتك.. بس ما باليد حيلة.. لو مكنتش إتكلمت معاك حالا كنت أكيد هتجنن.."إنزل بس.." قفلنا العربيات و دخلنا الكافيه.. طلبنا النسكافيه المتين بتاعنا00
"ها بقى.. بجد خضيتيني.. في إيه!؟"-
".........."-
"يا بنتي إتكلمي.. بجد أنا قلقت.. في إيه!؟"-
"..فاكر وليد إللي معايا في الشغل؟ اللي كنت حكيتلك عليه قبل كده ده" -
"..أيوة أيوة .. اللي كان بيعمل حركات عليكي بقى له فترة ده.. هه!؟"
و بتغمزلي00
"..آه هو"-
.."ماله!؟"-
".. يعني.. قال لي إمبارح إنه معجب بيا و كده.. و إنه عاوز يتقدم.."-
"......"-
..."سكت ليه!؟"-
"..بفكر"-
طول عمرنا بنفكر مع بعض.. هو ممكن مش عمرنا عمرنا يعني.. بس أنا مش عارفة ليه دايما بحس إننا كنا نعرف بعض على طول.. مع أننا متقابلناش غير من ست سنين.. لسه فاكرة أول مرة إتقابلنا فيها.. كنت لسة في الكلية و جاية أتمرن في الجرنال بتاعكو.. كنت ضاربة لخمة أول يوم و أما المدير أحرجني و قالي "بقى فيه صحفية ميبقاش معاها قلم؟".. من غير حتى ما تكون تعرفني جيت أنقذتني و قلت لي قدامه.. "معلهش أنا نسيت أرجعلك قلمك.." عارف إني لسة محتفظة بالقلم ده؟!.. ما هو سبب تعارفنا السعيد.. و كمان00
إنتي عايزة توافقي؟!".. قطعت حبل أفكاري بكلامك و بالسيجارة اللي ولعتها.. عارفة إنك مبتشربش إلا أما تتوتر00"
"..إبتسمت لك "ما هو أنا لو عارفة أنا عايزة إيه مكنتش جيتلك
"..ضحكت ضحكة متوترة: "حاسس إن أنا اللي هتجوز مش إنتي..
"..ماحنا طول عمرنا واحد"-
.. صحيح.. طول عمرنا واحد.. مع إنك أكبر مني بست سنين.. بس على طول كنت أحس و أنا بكلمك إني بكلم نفسي بس بصوت عالي000
..
*"..ترجع لي كل ما الدني بدّا تعتّم ... متل الهوا اللي مبلّش عالخفيف"*
..
" إيييييه.. يا حاجة.. رحتي فين!؟"

"..لأ مارحتش ولا حاجة"
"طب قوليلي .. إيه رأيك فيه؟"
..يعني.. هو ابن ناس و محترم.. و باينه بيحبني ولا إيه".. ضحكة عصبية"
.."و بتضحكي على إيه؟.. هو غريبة إن حد يحبك ولا إيه!؟"
"..تسدق والله مستغرباها فعلا"
"..مانتي أصلك هبلة"


أول مرة أحس بالحيرة دي كلها.. وليد شاب ممتاز.. بس هو مش صديقي من ست سنين.. هو مش عارف أنهي أغنية بحبها لفيروز.. هو مش هيلبس معايا أسود يوم الفالنتين كنوع من الإحتجاج الصامت على البهرجة الزيادة لليوم ده.. هو مش هيجبلي كلابظات الملاكمة هدية في عيد ميلادي و يكتبلي عليهم
"To My Best Friend Ever"
هو مش عارف باخد كام معلقة سكر عالنسكافيه.. هو ميعرفش إن المانجة بتجيبلي حساسية و إني بموت في الشوكولاتة مع إنها بتطلعلي
حبوب00
"-
ما هو بصراحة بقى أنا لازم أتجوز.. أنا بقى عندي 25 سنة و ماما مبتعديش فرصة إلا و تأنبني.. و أنا بصراحة طول
عمري نفسي أخلف.. بعدين هو بيحبني و شاري"00
".. بصيتلي بصة مندهشة قوي كدة.."طب يا عم الحاج أنا اتكلمت؟.. أنا عايز أعرف رأيِك بس..
".. إرتبكت.."مانا قلتلك أهو..
.."يعني خلاص هتتنازلي عن حلم الجواز عن حب ملتهب!؟"..
"..و أتنازل ليه؟ ماهو بيحبني أهوه"-
.."و إنتي!؟"-
"..أنا؟ بكرة أحبه مدام هيبقى كويس معايا"-
إبتسمت لي ساعتها الإبتسامة اللي كنت كل ما أشوفها أحس ان الدنيا تمام التمام و مفيش حاجة ممكن تأذيني.. "خلاص يا أستاذة.. إنتي كدة
..made up your mind
إنتي عارفة إني باثق في رأيِك و طريقة تفكيرِك.. لو حاسة إن هو ده البني آدم اللي هيسعدك بجد.. دوسي.. لو لأ..فأنا برضه واثق إنك هتاخدي القرار الصح"00
لو حاسة؟! أنا حاسة إن وأنا معاك بابقى أسعد ما يمكن.. بس عارف؟ مينفعش.. مينفعش نفضل صحاب طول العمر.. لازم أتجوز.. و انت كمان بكرة تلاقي بنت الحلال.. سُنة الحياة زي ما قالولي.. و الحياة تنازلات.. تتنازل عن حاجة صغيرة عشان حاجة كبيرة.. الفكرة إن أنا شايفة أي حاجة أصغر "مننا".. و ده زي ما صحابي بيقولولي هيوقفلي حياتي.. كلهم اتجوزا و خلفوا.. و وليد بالنسبة لي فرصة متتعوضش.. فرصة مش أكتر.. مش عارفة أنت فاهم الكلام ده كله ولا لأ.. بس أكيد فاهمه.. أنت مرايتي زي ما كنا بنقول:)00
"شكلها كده هترسى على [موافقون]00"-
" ..أنا واثق فيكي و في رأيك"-
...

سكتنا احنا الاتنين.. و اتكلم صوت فيروز: *"بس هلأ مابتذكّر شكل وجّك .."*00

"..بس إوعي في يوم تنسيني"-
..مقدرتش ساعتها أحوش دموعي..
"..أنا أصلا مش هتجوز من غيرك..لازم تبقى من الشهود كمان"-
"..و إوعي تنسي تعزميني على سبوع إبنك الأولاني"-
و إنت كمان إوعى تنسى توريني الغلبانة اللي هتاخدك قبل مالفاس تقع"-
"..في الراس
ضحكنا و ساعتها جه التشيك.. دفعته و قلنا نمشي ساعتها بقى.. و إحنا عالباب بصيتلي قوي.."إنتي هاتبقي عروسة زي القمر.. و أنا أول واحد يتبعت له دعوة الفرح..فاهمة؟".. أبتسمت لك و مديت إيدي أسلم.. عارفة إني هشوفك تاني بس مليت عيني منك قوي قبل ما أمشي00

*..."بس باذكُر قديش كان أليف.."*

"سلام"-
.."سلام"..-
.. و طلعنا برة و أنا حاسة إن الدنيا بقت برد أكتر و إن المطرة زادت أكتر